الجواب باسم ملهم الصواب
صرح علماؤنا في باب الحج عن الغير بأن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها كذا في الهداية، بل في زكاة التتارخانية عن المحيط : الأفضل لمن يتصدق نفلا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل إليهم ولا ينقص من أجره شيء ا هـ هو مذهب أهل السنة والجماعة، لكن استثنی مالك والشافعي العبادات البدنية المحضة كالصلاة والتلاوة فلا يصل ثوابها إلی الميت عندهما، بخلاف غيرها كالصدقة والحج۔۔۔ وفي البحر : من صام أو صلی أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والأحياء جاز، ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنة والجماعة كذا في البدائع، ثم قال: وبهذا علم أنه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتا أو حيا. (رد المحتار، کتاب الصلاة، باب صلاة الجنائز، مطلب في زيارة القبور)
وقد صح «أن رسول الله صلی الله عليه وسلم ضحی بكبشين: أحدهما عن نفسه والآخر عمن لم يذبح من أمته»، وإن كان منهم من قد مات قبل أن يذبح(الدر المختار وحاشية ابن عابدين/ رد المحتار، 6/ 326)
الأصل أن كل من أتی بعبادة ما، له جعل ثوابها لغيره وإن نواها عند الفعل لنفسه؛ لظاهر الأدلة. وأما قوله تعالی: ﴿ وَاَنْ لَّيْسَ لِلْاِنْسَانِ اِلَّا مَا سَعٰی﴾ أي إلا إذا وهبه له، كما حققه الكمال، أو اللام بمعنی علی كما في : ﴿وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ﴾ ، ولقد أفصح الزاهدي عن اعتزاله هنا والله الموفق. (الدر المختار وحاشية ابن عابدين/ رد المحتار، 2/ 595)
والحديث يدل علی أن التضحية تجوز عمن مات، قال الترمذي: قد رخص بعض أهل العلم أن يضحی عن الميت ولم ير بعضهم أن يضحی عنه، وقال عبد الله بن المبارك: أحب إلي أن يتصدق عنه ولا يضحی، وإن ضحی فلا يأكل منها شيئاً ويتصدق بها كلها انتهی. قال في غنية الألمعي ما محصله: إن قول من رخص في التضحية عن الميت مطابق للأدلة، ولا دليل لمن منعها، وقد رواه أبوداود، وروی الترمذي نحوه. ثبت أنه – صلی الله عليه وسلم – كان يضحي بكبشين؛ أحدهما عن نفسه وأهل بيته والآخر عن أمته ممن شهد له بالتوحيد وشهد له البلاغ، ومعلوم أن كثيراً من أمته قد كانوا ماتوا في عهده – صلی الله عليه وسلم -، فدخل في أضحيته – صلی الله عليه وسلم – الأحياء والأموات كلهم، ولكبش الواحد الذي يضحي به عن أمته كما كان للأحياء من أمته كذلك كان للأموات من أمته بلا تفرقة. (مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ٥/ ٩٤)
والله أعلم بالصواب
3093 :