الجواب باسم ملهم الصواب
وقال الشهاب الحمصي في ذيله: وفي يوم الخميس خامس عشر جمادى الأولى منها، منعت زين الدين الصفوري، المحدث من القراءة بالجامع الأموي، ومن غيره، وأمرت بشيل كرسيه من الجامع الأموي، وسببه أنه جمع كتاباً سماه: نزهة المجالس وذكر في أحاديث موضوعة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أحضر الكتاب المذكور وذكر أنه تاب ورجع عن الأحاديث الموضوعة فيه، وأنه لا يعود لذلك، والله يعلم المفسد من المصلح. (ص131 – كتاب مفاكهة الخلان في حوادث الزمان – سنة تسعة وتسعين وثمانمائة)
(الف) حكاية: كان في زمن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) رجل يقال له أبو دجانة فإذا صلى الصبح خرج من المسجد سريعا ولم يحضر الدعاء فسأله النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن ذلك فقال جاري له نخلة يسقط رطبها في داري ليلا من الهواء فأسبق أولادي قبل أن يستيقظوا فأطرحه في داره فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لصاحبها بعني نحلتك بعشر نخلات في الجنة عروقها من ذهب أحمر وزبرجد أخضر وأغصانها من اللؤلؤ الأبيض فقال لا أبيع حاضرا بغائب فقال أبو بكر قد اشتريتها منه بعشر نخلات في مكان كذا فرح المنافق ورهب النخلة التي في داره لأبي دجانة وقال لزوجته قد بعت هذه النخلة لأبي بكر بعشر نخلات في مكان كذا وهي داري فلا ندفع لصاحبها إلا القليل فلما نام تلك الليلة وأصبح وجد النخلة قد تحولت من داره إلى دار أبي دجانة. (نزهة المجالس ومنتخب النفائس، باب الكرم والفتوة ورد السلام)
(ب) (لطيفة) كان في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – رجل يقال له أبو دجانة، فكان إذا صلى الفجر خرج مستعجلا ولا يصبر حتى يسمع دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم -، فقال له يوما: أليس لك إلى الله حاجة؟ فقال: بلى فقال فلم لا تقف حتى تسمع الدعاء؟ فقال: لي عذر يا رسول الله. قال وما عذرك؟ فقال إن داري ملاصقة لدار رجل، وفي داره نخلة، وهي مشرفة على داري، فإذا هب الهواء ليلا يقع من رطبها في داري، فإذا انتبه أولادي، وقد مسهم الضر من الجوع فما وجدوه أكلوه، فأعجل قبل انتباههم، وأجمع ما وقع وأحمله إلى دار صاحب النخلة، ولقد رأيت ولدي يوما قد وضع رطبة في فمه فأخرجتها بأصبعي من فيه وقلت له يا بني لا تفضح أباك في الآخرة، فبكى لفرط جوعه. فقلت له: لو خرجت نفسك لم أدع الحرام يدخل إلى جوفك، وحملتها مع غيرها إلى صاحبها. فدمعت عينا النبي – صلى الله عليه وسلم – وسأل عن صاحب النخلة، فقيل له فلان المنافق، فاستدعاه وقال له: بعني تلك النخلة التي في دارك بعشرة من النخل: عروقها من الزبرجد الأخضر، وساقها من الذهب الأحمر، وقضبانها من اللؤلؤ الأبيض، ومعها من الحور العين بعدد ما عليها من الرطب. فقال له المنافق: ما أنا تاجر أبيع بنسيئة، لا أبيع إلا نقدا لا وعدا، فوثب أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وقال: هي بعشرة من النخيل في الموضع الفلاني، وليس في المدينة مثل تلك النخيل، ففرح المنافق وقال بعتك. قال قد اشتريت، ثم وهبها لأبي دجانة، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – قد ضمنت لك يا أبا بكر عوضها، ففرح الصديق، وفرح أبو دجانة رضي الله عنهما، ومضى المنافق إلى زوجته يقول قد ربحت اليوم ربحا عظيما، وأخبرها بالقصة وقال قد أخذت عشرة من النخيل، والنخلة التي بعتها مقيمة عندي في داري أبدا نأكل منها ولا نوصل منها شيئا إلى صاحبها، فلما نام تلك الليلة وأصبح الصباح وإذا بالنخلة قد تحولت بالقدرة إلى دار أبي دجانة كأنها لم تكن في دار المنافق، فتعجب غاية العجب. (إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين، باب الفرائض)
والله أعلم بالصواب
4283 :